سبب تسمية حي الازبكية بهذا الاسم
====================
“الأزبكية” أحد الأحياء المصرية بمحافظة القاهرة، وتعود تسمية هذه المنطقة بذلك الاسم إلى أواخر القرن الرابع عشر خلال حكم دولة المماليك، عندما أهدى السلطان قايتباى مكافأة قائد جيوشه الأتابك “سيف الدين بن أزبك” قطعة أرض ناحية بركة بطن البقرة، وكانت أرض جرداء ليس بها سوى ضريحين، فأوصل إليها المياه وبنى على طولها رصيف من الحجارة ليتخذه الناس ممشى.
وأنشأ أزبك منتزها حول البركة حمل اسمه، وأنشأ الجامع الكبير ثم أنشأ حول الجامع البناء والربوع والحمامات وما يحتاج إليه من الطواحين والأفران، وحدد لها فى كل سنة عيدا أسماه “احتفال فتح البركة”، وبحلول عام 1495م كانت الأزبكية قد تحولت إلى حى كبير يتوسط القاهرة.
بعد دخول العثمانيين مصر عام 1517م شيّد رضوان كتخدا في الأزبكية قصرًا كبيرًا على حافة بركة الأزبكية الشرقية ، وأسماه "العتبة الزرقاء" لأن بوابته التي كانت تؤدي لشارع الأزهر كانت زرقاء اللون ، بالإضافة إلى وجود بلاطات زرقاء فوق عتبته.
ولكن تاريخ تلك المنطقة لم يقف عند هذا الحد، بل شهد ميدان الأزبكية فترة دخول نابليون بونابرت مصر مع الحملة الفرنسية عام 1798م، حيث كان يتردد على دار الخليل البكرى فى ميدان الأزبكية ليدرس على يديه القرآن الكريم ويتلقى دروسا فى آداب الإسلام وشرائعه، ثم اتخذ لنفسه فيها دارا، كان ذلك كمحاولة منه لكسب ود الشعب المصرى.
ومن المنطقة نفسها خرجت جماهير القاهرة فى 13 مايو عام 1805م لتعلن مُبايعتها لمحمد على أميرا على مصر بدلا من الحكم العثمانى، وبعد توليه الحكم لم ينس الأزبكية بل اختارها لتكون قلب العاصمة الجديدة لمصر، وظل سكنه بها حتى تعرض لمحاولة اغتيال على يد الجنود الأرناؤود، مما دفعه إلى تغيير مقره إلى قلعة الجبل.
كما اعتنى الخديوى إسماعيل بالمنطقة نفسها، حينما أمر أحد المهندسين الفرنسيين بتحويلها إلى قطعة من باريس، والذى قام بردم بركة الأزبكية عام 1864 م بعد أكثر من أربعة قرون عندما حفرها الأتابك أزبك، وأُنشأت حديقة الأزبكية عام 1872 وفيها جبلايات صناعية وزُرعت بها الأشجار النادرة، بالإضافة إلى إنشاء دار الأوبرا 1869م.
في عام 1864م تم ردم البركة التي كانت تتوسط الميدان، وأنشئ في نفس مكانها عام 1872م حديقة الأزبكية على يد المهندس الفرنسي "باريل ديشان بك"، على مساحة 18 فدانا أحيطت بسور من البناء والحديد وفتحت بها أبواب من الجهات الأربع.
صورة لحديقة الازبكية
وأقام الخديوي إسماعيل في طرف الأزبكية الجنوبي مسرحين هما المسرح الكوميدي الفرنسي الذي إنشئ في 2 نوفمبر 1867م وافتتح في 4 يناير 1868م تحت إدارة الخواجة منسي، ودار الأوبرا الخديوية، وبعد الأنتهاء من تشجير الحديقة وتزيينها وإنارتها عين الخديو مسيو "باريليه" الفرنسي ناظرًا لها ولجميع المتنزهات الأخرى، وكانت تقام بالحديقة العديد من الاحتفالات الرسمية والشعبية الكبري للأجانب والمصريين، ففي يونيو 1887م تم الاحتفال بعيد الملكة فيكتوريا من قبل الجالية الإنجليزية في مصر، واحتفال الجالية الفرنسية بعيد 14 يوليو، أما الاحتفالات المصرية في الحديقة فكان أبرزها الاحتفال بعيد الجلوس السلطاني واحتفال الجمعيات الخيرية والمحافل الماسونية، وكانت الموسيقي العسكرية تعزف في الاحتفال الأول، إلي جانب إقامة السرادقات في احتفالات الجمعيات وحفلات المطربين، وأشهرهم الشيخ يوسف المنيلاوي وعبده الحامولي، ومحمد عثمان.
أما في عهد وزارة "نوبار باشا"، فقد تم استخدام قصر العتبة الخضراء كمقر للمحكمة المختلطة، ثم تحول إلى دار القضاء العالي المعروف حاليا في المنطقة التي أطلق عليها ميدان الإسعاف. وفي منتصف القرن التاسع عشر تم إنشاء مستشفى أهلي بميدان الأزبكية، هذا إلى جانب أنه في منطقة الأزبكية كان مشيدا عدد من الفنادق منها "شبرد" و"الكونتيننتال" بالإضافة إلى "وندسور وإيدن بالاس".
وبعد حريق القاهرة الذي حدث في 26 يناير عام 1952م، طرأت على ميدان الأزبكية تغيرات كثيرة فقد تم نقل مكاتب شركات الطيران التي كانت موجودة بفندق شبرد الذي تم تدميره تماما في الحريق إلى ميدان التحرير، وتم تقسيم ميدان الأزبكية نفسه بمساحته الهائلة إلى أربعة أماكن تضم حاليا مبنى البنك المركزي الجديد، ومحطة بنزين وجراج الجمهورية ومبنيين تابعين لوزارة الشئون الاجتماعية والتأمين الصحي، أما حديقة الأزبكية فقد قسمت هي الأخرى، وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، واخترقها شارع 26 يوليو فقسمها إلى قسمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق