"بولاق" عرف الفرنسيون أهمية موقعه.. تنوعت أسواقه بين الراقي والعشوائي واحتضن قطبي الصحافة
يعني اسمه "الميناء"، وقد سمي بهذا الاسم، نظرا لإطلاله على الضفة الشرقية للنيل، حيث ذُكر في التاريخ القديم، أن عواصم مصر باستثناء الفسطاط، كانت لا تطل على النيل، وظلت بعيدة عنه، مما كان لحي بولاق موقعا فريدا، جعله أحد أشهر الأحياء الشعبية، وزادت من شهرته، أنه ظل مقابلا لجزيرة الزمالك، أحد أحياء القاهرة الراقية.
ويرجح البعض أن أصل تكوين منطقة بولاق، يعود إلى غرق سفينة كبيرة في هذا الموقع، ثم مع إطماء النيل بكثرة في هذه المنطقة، بدأت الأرض تعلو، وتتكون أرض جديدة هي بولاق الآن، وكانت الجزيرة المقابلة لها – وهي جزيرة الزمالك الآن – يطلق عليها اسم جزيرة بولاق.
النيل عليها.
وتكونت الأراضي التي قامت عليها في عصر محمد علي، دار المطبعة الأميرية، والورش الحكومية ومصلحة الوابورات، وأصبح الساحل الجديد عند بولاق، ملتقى لتجار القمح والزيت، وكانت المنطقة تزخر بالمدارس والمساجد، وتؤم الشاطئ المراكب الشراعية المحملة بالبضائع القادمة من شمال مصر.
وتحول الواقع بين القاهرة والنيل وبولاق من أرض تغمرها مياه الفيضان، إلى هذا الحي الشعبي على ضفاف شاطئ النيل، وأدى تحول طرق التجارة المصرية واعتمادها على تجارة البحر المتوسط، بعد أن كانت تعتمد على تجارة البحر الأحمر، عبر الطريق التقليدي "عيذاب – قوص – الفسطاط"، بعد تخريب عيذاب في أواسط القرن التاسع الهجري، فقدت الفسطاط أهميتها الاقتصادية، وبدأت التجارة تتجه إلى بولاق الذي أصبح ميناء بديلا لميناء أثر النبي
وتحول بولاق إلى حي صناعي راق، فقامت فيه المصانع والمخازن ومساكن المهندسين ومدرسة صناعية كبيرة، حتى أصبحت بولاق "ثغر القاهرة" في الشمال، وفيها أنشئت أول دار للطباعة في الشرق، وبجوارها أنشئ مصنع لصناعة الورق؛ ليمد المطبعة بما تحتاجه، بل أنشئ مسبك لسبك الحروف العربية اللازمة للمطبعة، وتحولت بولاق والسبتية إلى منطقة صناعية فيها مسابك الحديد، ومصانع الأقمشة وورش النجارة والحدادة وغيرها.
معالم بولاق التاريخية:
يضم الحي القديم، عددا من المعالم، منها، جامع سنان باشا، وهو أول مسجد كبير يقام على الطراز العثماني، وفيها سوق الحطب شرقي المطبعة الأميرية، وشارع المطبعة الأهلية، وعلى يسار شارع بولاق "26 يوليو" وخلف جامع السلطان أبو العلا، نجد اصطـبلات الخاصة الملكية، ثم نجد حي الحطابة، حيث المقر الجديد والحالي لوزارة الخارجية، ذات الملامح الفرعونية، وجنوبها تجد شارع اصطبلات الطرق ومقر مصلحة نظافة العاصمة، قبل إنشاء بلدية القاهرة، وفي جنوبها كذلك، تجد جمعية الرفق بالحيوان.
امتدت العمارات الضخمة على طول الطريق من حديقة الأزبكية إلى كوبري أبو العلا، ومنها عمارة "الجندول"، التي أقامها الموسيقار محمد عبد الوهاب، مكان بار سان جيمس، الذي كان يجلس فيه الشاعر أحمد شوقي، وعمارة شيكوريل التي قامت مكان "بار صولت" الحلواني، الذي كان مطعمًا ومحلاً للحلوى، وكان "صولت" متلقى كبار الأدباء والشعراء والمثقفين والصحفيين.
في محاذاة محل "صولت" الذي كان مصدرا للأخبار الصحفية، كان يقع "بار المحروسة" الذي كان يجلس عليه الوجهاء من آل يكن وآل المانسترلي وغيرهم، وفي مواجهته كان يقوم بار بطرسبورج.
كما تم إنشاء سلسلة من الفنادق المتنوعة الدرجة، ومن أشهرها "كلاريدج - جلوريا -إدن- كارلتون-جراند أوتيل).
وتم كذلك، إنشاء العديد من المباني العامة والعمارات الضخمة، من أشهرها، "دار القضاء العالي"، يلاصقها مبنى مصلحة الشهر العقاري، وأمام دار القضاء العالي أقيمت أحدث عمارة في الشارع عام 1938 هي عمارة لاجيفواز، وتتزين هذه العمارة الفنية في تاري، وأقيمت مكانها عشرات العمارات.
تتزين العمارة بأعمدة الكريتال "حديد مشغول"، وتماثيل وكرانيش من الجبس، وتعلوها قباب ما زالت صامدة رغم مرور أكثر من 100 عام، هي عمر العمارة حتى الآن.
وخلف هذه العمارة يقع سوق التوفيقية، حيث عمارات أقيمت منذ عام 1900 و1903 و1910، وهو أول سوق للأطعمة الطازجة والخضر والفاكهة، كما تجد الجمعية المصرية للعلوم السياسية، ومقر جمعية الإسعاف الملاصق لمبنى معهد الموسيقى العربية، ومعهد ليوناردو دافنشي للفنون والعمارة.
فكان حي بولاق بلدة من ضواحي القاهرة، تقع على النيل، بينما القاهرة في حضن الجبل، وعرف الفرنسيون في حملتهم، أهمية موقع بولاق لأن منها ينطلقون إلى الوجه البحري كله، ولهذا كان اهتمامهم بهذه البلدة عظيما، وليس أفضل من الجبرتي عندما يصف هذه الفترة لأنه عاشها وعاصرها يوما بيوم.
ويقول عبد الرحمن الجبرتي، أقام الفرنسيون محاجر صحية في القاهرة "بجزيرة بولاق" والإسكندرية ودمياط ورشيد، وأنشأوا "كرنتيلة" بجزيرة بولاق، وبنوا هناك بناة يحجزون به القدامين من أسفار أياما معدودة، كل جهة من الجهات القبلية والبحرية، وذكر الدكتور "لاري" كبير جراحي الحملة الفرنسية أنهم أنشأوا محجرا آخر في جزيرة الروضة.
وإذا كان أهل بولاق لم يساهموا مساهمة ظاهرة في ثورة القاهرة الأولى "أكتوبر 1798"، إلا أنهم من فجروا ثورة القاهرة الثانية، بل هم الذين قادوها، هكذا أجمع كل من أرخ لهذه الثورة سواء الجبرتي أو الرافعي، بل أيضا قادة الحملة الفرنسية أنفسهمن وقد شبت ثورة القاهرة الثانية يوم 20 مارس 1800، بينما كانت معركة عين شمس قائمة بين الجيش الفرنسي بقيادة كليبر.
حي بولاق أبو العلا
يعني اسمه "الميناء"، وقد سمي بهذا الاسم، نظرا لإطلاله على الضفة الشرقية للنيل، حيث ذُكر في التاريخ القديم، أن عواصم مصر باستثناء الفسطاط، كانت لا تطل على النيل، وظلت بعيدة عنه، مما كان لحي بولاق موقعا فريدا، جعله أحد أشهر الأحياء الشعبية، وزادت من شهرته، أنه ظل مقابلا لجزيرة الزمالك، أحد أحياء القاهرة الراقية.
أصل كلمة بولاق:
اختلف الناس في معنى بولاق، فالبعض قال إن أصل الكلمة هو "بو" أي الجميلة بالفرنسية، و"لاك" تعني بحيرة، أي أن معنى الكلمة "البحيرة الجميلة"، ثم تم تحريفها من "بولاك" إلى بولاق، ولكن لا يوجد ما يؤكد هذا، حيث أن بولاق كانت موجودة قبل الحملة الفرنسية.ويرجح البعض أن أصل تكوين منطقة بولاق، يعود إلى غرق سفينة كبيرة في هذا الموقع، ثم مع إطماء النيل بكثرة في هذه المنطقة، بدأت الأرض تعلو، وتتكون أرض جديدة هي بولاق الآن، وكانت الجزيرة المقابلة لها – وهي جزيرة الزمالك الآن – يطلق عليها اسم جزيرة بولاق.
كتب التاريخ:
وتتحدث كتب التاريخ، عن "الطرح السابع" للنيل، الذي حدث عام 1771، وتركز عند بولاق، وكيف كسبت القاهرة زيادة كبيرة في مساحتها بفعل هذا الطرح، ثم كيف أنشأ علي بك الكبير عمارة كبيرة، على ساحل النيل في تلك الأرض، وكان الأهالي يلقون الأتربة وبقايا البيوت بجوار هذا الساحل فطمىالنيل عليها.
وتكونت الأراضي التي قامت عليها في عصر محمد علي، دار المطبعة الأميرية، والورش الحكومية ومصلحة الوابورات، وأصبح الساحل الجديد عند بولاق، ملتقى لتجار القمح والزيت، وكانت المنطقة تزخر بالمدارس والمساجد، وتؤم الشاطئ المراكب الشراعية المحملة بالبضائع القادمة من شمال مصر.
وتحول الواقع بين القاهرة والنيل وبولاق من أرض تغمرها مياه الفيضان، إلى هذا الحي الشعبي على ضفاف شاطئ النيل، وأدى تحول طرق التجارة المصرية واعتمادها على تجارة البحر المتوسط، بعد أن كانت تعتمد على تجارة البحر الأحمر، عبر الطريق التقليدي "عيذاب – قوص – الفسطاط"، بعد تخريب عيذاب في أواسط القرن التاسع الهجري، فقدت الفسطاط أهميتها الاقتصادية، وبدأت التجارة تتجه إلى بولاق الذي أصبح ميناء بديلا لميناء أثر النبي
بولاق حي صناعي:
تحول حي بولاق إلى منطقة صناعية ضخمة، يضم المسابك والمصانع في منطقة السبتية، وفيما بين بولاق وشبرا على ساحل النيل، أقيمت الورش الكبرى والمطبعة الأميرية ودار الصناعة الكبرى والمباني الحكومية، وحظيرة واسعة أطلق عليها اسم "المبيضة"، حيث كان يتم "تبيض" الأقمشة بالأساليب المستحدثة.وتحول بولاق إلى حي صناعي راق، فقامت فيه المصانع والمخازن ومساكن المهندسين ومدرسة صناعية كبيرة، حتى أصبحت بولاق "ثغر القاهرة" في الشمال، وفيها أنشئت أول دار للطباعة في الشرق، وبجوارها أنشئ مصنع لصناعة الورق؛ ليمد المطبعة بما تحتاجه، بل أنشئ مسبك لسبك الحروف العربية اللازمة للمطبعة، وتحولت بولاق والسبتية إلى منطقة صناعية فيها مسابك الحديد، ومصانع الأقمشة وورش النجارة والحدادة وغيرها.
الخديو إسماعيل:
زاد الاهتمام بحي بولاق عندما خطط الخديو إسماعيل "القاهرة الخديوية"، ووصل التخطيط الجديد من ميدان الإسماعيلية جنوبًا إلى نهاية شارعي شريف "المدابغ"، وسليمان باشا، وكان لابد من تجـديد شارع بولاق -26 يوليو الآن- مع مشروع تخطيط ميدان الأزبكية؛ لأن هذا الطريق هو بداية تعمير ضاحية بولاق، الذي أدى إلى ربط القاهرة الجديدة بشاطئ بولاق، وكانت الطفرة التعميرية عند إنشاء كوبري بولاق أبو العلا ، الذي افتتح في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، وكان الكوبري معجزة هندسية لربطه بين القاهرة وجزيرة الزمالك.معالم بولاق التاريخية:
يضم الحي القديم، عددا من المعالم، منها، جامع سنان باشا، وهو أول مسجد كبير يقام على الطراز العثماني، وفيها سوق الحطب شرقي المطبعة الأميرية، وشارع المطبعة الأهلية، وعلى يسار شارع بولاق "26 يوليو" وخلف جامع السلطان أبو العلا، نجد اصطـبلات الخاصة الملكية، ثم نجد حي الحطابة، حيث المقر الجديد والحالي لوزارة الخارجية، ذات الملامح الفرعونية، وجنوبها تجد شارع اصطبلات الطرق ومقر مصلحة نظافة العاصمة، قبل إنشاء بلدية القاهرة، وفي جنوبها كذلك، تجد جمعية الرفق بالحيوان.
عمارات وفنادق ومباني بولاق:
امتدت العمارات الضخمة على طول الطريق من حديقة الأزبكية إلى كوبري أبو العلا، ومنها عمارة "الجندول"، التي أقامها الموسيقار محمد عبد الوهاب، مكان بار سان جيمس، الذي كان يجلس فيه الشاعر أحمد شوقي، وعمارة شيكوريل التي قامت مكان "بار صولت" الحلواني، الذي كان مطعمًا ومحلاً للحلوى، وكان "صولت" متلقى كبار الأدباء والشعراء والمثقفين والصحفيين.
في محاذاة محل "صولت" الذي كان مصدرا للأخبار الصحفية، كان يقع "بار المحروسة" الذي كان يجلس عليه الوجهاء من آل يكن وآل المانسترلي وغيرهم، وفي مواجهته كان يقوم بار بطرسبورج.
كما تم إنشاء سلسلة من الفنادق المتنوعة الدرجة، ومن أشهرها "كلاريدج - جلوريا -إدن- كارلتون-جراند أوتيل).
وتم كذلك، إنشاء العديد من المباني العامة والعمارات الضخمة، من أشهرها، "دار القضاء العالي"، يلاصقها مبنى مصلحة الشهر العقاري، وأمام دار القضاء العالي أقيمت أحدث عمارة في الشارع عام 1938 هي عمارة لاجيفواز، وتتزين هذه العمارة الفنية في تاري، وأقيمت مكانها عشرات العمارات.
تتزين العمارة بأعمدة الكريتال "حديد مشغول"، وتماثيل وكرانيش من الجبس، وتعلوها قباب ما زالت صامدة رغم مرور أكثر من 100 عام، هي عمر العمارة حتى الآن.
وخلف هذه العمارة يقع سوق التوفيقية، حيث عمارات أقيمت منذ عام 1900 و1903 و1910، وهو أول سوق للأطعمة الطازجة والخضر والفاكهة، كما تجد الجمعية المصرية للعلوم السياسية، ومقر جمعية الإسعاف الملاصق لمبنى معهد الموسيقى العربية، ومعهد ليوناردو دافنشي للفنون والعمارة.
حي الصحافة:
يعتبر حي بولاق من الأحياء التي تتواجد فيها الكثير من المؤسسات الصحفية والدبلوماسية، ففيه مقر جريدة الأهرام، ومقر مؤسسة أخبار اليوم، وبجوار مبناها القديم كانت تقع جريدة المساء، منذ أقيمت في الخمسنيات على مشارف عشش الترجمان.فتوات بولاق:
تناولت صفحات التاريخ المصري الحديث، وتاريخ المقاومة الشعبية، أنباءعن فتوات الحي القديم، حيث كشفت قصص التاريخ، المعدن الأصيل للشعب المصري، الذي ثار وحارب وقاوم وهو يعلم أن عدوه يملك أحدث الأسلحة، بينما هو لا يملك إلا النبابيت والعصى، وعددا محدودا من البنادق والطبنجات.فكان حي بولاق بلدة من ضواحي القاهرة، تقع على النيل، بينما القاهرة في حضن الجبل، وعرف الفرنسيون في حملتهم، أهمية موقع بولاق لأن منها ينطلقون إلى الوجه البحري كله، ولهذا كان اهتمامهم بهذه البلدة عظيما، وليس أفضل من الجبرتي عندما يصف هذه الفترة لأنه عاشها وعاصرها يوما بيوم.
ويقول عبد الرحمن الجبرتي، أقام الفرنسيون محاجر صحية في القاهرة "بجزيرة بولاق" والإسكندرية ودمياط ورشيد، وأنشأوا "كرنتيلة" بجزيرة بولاق، وبنوا هناك بناة يحجزون به القدامين من أسفار أياما معدودة، كل جهة من الجهات القبلية والبحرية، وذكر الدكتور "لاري" كبير جراحي الحملة الفرنسية أنهم أنشأوا محجرا آخر في جزيرة الروضة.
وإذا كان أهل بولاق لم يساهموا مساهمة ظاهرة في ثورة القاهرة الأولى "أكتوبر 1798"، إلا أنهم من فجروا ثورة القاهرة الثانية، بل هم الذين قادوها، هكذا أجمع كل من أرخ لهذه الثورة سواء الجبرتي أو الرافعي، بل أيضا قادة الحملة الفرنسية أنفسهمن وقد شبت ثورة القاهرة الثانية يوم 20 مارس 1800، بينما كانت معركة عين شمس قائمة بين الجيش الفرنسي بقيادة كليبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق